الناقد الداخلي
الناقد الداخلي
ان تشعر بصوت داخلي ينتقدك ويلومك لبرهة من الزمن: هذا قد لا يكون بالأمر الجلل..
ان تستمر في الانصات الى ذاك الصوت وتتعرض لسوط كلامه راضيا وعلى مر الزمن: فهذا هوالخطا.
ان تشعر بعدم الرضا عن تجربة خضتها اوعمل قدمته، او كلام نطقت به: هذا امر طبيعي….
ان تجتر مرارة عدم الرضا، وتسقي نفسك كاس التحقير والانتقاص من قدرك، والتقليل من شانك: هذا مكمن الداء.
ناقدك الداخلي لا يفتا يقفز، كل حين واخر، بين جنبات صدرك، ويمتزج صوته المزعج بأفكارك الهادئة، فيهيج بحر هدوئها، وتختنق انفاسك، يعتصرها الندم … فقد بدا مفعول سم اللوم يسري في اوصالك، مسكين انت…
مسكين انت، لأنك لو طرحت السؤال ما جدوى وجود هذا الناقد الداخلي لعرفت انه هنا من اجلك، ويفعل بك ما يفعل حرصا عليك وحبا لك. فهو يظهر ليلقي لك برسائل وإشارات قد تساعدك في تطوير نفسك والرقي بها في مدارج الوعي، شرط ان تختار انت ذلك. اما إذا فضلت ان تجعله الحاجز الأكبر بينك وبين تحقيق اهدافك، والمانع الأعظم لانطلاقك واقدامك، والمهيج الحاد لإحباطك وخوفك ويأسك: فهذا لأنك انت من أراد ذلك بقرار منك واختيار.
ناقدك الداخلي لا يأتيك الا إذا كنت مرحبا به ووجهت له دعوة فخمة بالحضور، من خلال اهتمامك الكبير براي الناس فيك، وتقديسك المفرط لصورتك امامهم. ويأتيك من فجوة عدم تقبلك للخطأ: «وكيف أخطأ وانا المثالي الذي لا مثيل له «. يناورك ويهاجمك من جبهة ضعيفة فيك: عشقك لأن تكون أفضل نسخة لغيرك
ناقدك الداخلي يظهر فقط عندما تبدأ اسوار الشك ترتفع فتحول بينك وبين جوهرك.
انه صوت انذار بابتعادك عن حقيقتك، وانسلاخك عن فطرتك. صوت وان كان قاسي النبرة شديد اللهجة، يذكرك إنك خطاء وكذلك خلقت: ارتكاب الأخطاء بل واعتناقها سبيلك نحو الصلاح والفلاح..
صوت يذكرك أنك أصلي: لتتوقف عن مقارنة نقاء جوهرك بزيف ذوات تبنيتها واتخذتها قناعا تخفي -خلفها صفاء هذا الجوهر.
صوت يذكرك إنك انت الشخص الوحيد الذي يستحق كل الاهتمام والتقدير، والعطف واللطف، والحب والاحتواء، وان كل كائن اخر غيره يأتي بعدك في الحظوة..
قرر ان تصاحب ناقدك الداخلي وتقديم الشكر والامتنان له، بدلا من محاولة القضاء عليه. هو جزء منك فأوقف الصراع معه يتوقف الصراع بداخلك، استلم هداياه وافتحها بكل فرح وتلقائية طفل، استمتع بها واخلق منها خطوات بسيطة وصغيرة تحولك كل مرة الى أفضل نسخة لك منك…فقد يكون ناقدك الداخلي هذا أفضل معلم لك على الاطلاق.
ذ.نعيمة اعوى