حب الوطن
حب الوطن
معنى كلمة الوطن:
وَطَنَ، يَطِنُ، وَطْناً، كلمة تدل على المكان الذي يقيم فيه الإنسان ويتربّى فيه وينتمي إليه حتّى لو لم يولد به أو يتربى به فيُسمّى من يسكنه وَاطِن والبقعة الّتي يسكنها وينتمي إليها مَوطِناً أو وَطَناً، وجرت العادة أن يتم استخدام كلمةٍ مرادفةٍ للوطن وهي الوَطن الأم أو الوَطن الأصليّ.
ومن المهم أن نعلم معنى الوطن اصطلاحاً؛ ومعناه المكان الذي تسكنه مجموعة من الناس ويشعر المرء بارتباطه بهم وانتمائه الروحي والوجداني بهم. أو يمكن أن يقال له بأنه البقعة من الأرض التي تولد وتستقر عليها جماعة من الناس بحيث تكون تلك البقعة بيئة حاضنة لهم.
الوطن هو المكان الذي يعيدنا إلى ذكريات الطفولة، ويذكرنا بحنان الأمهات، ويشعرنا بأمان الآباء، وحب الأجداد، هو المكان الذي احتضن أحلامنا وأمنياتنا ورسمنا فيه مستقبلنا، هو المكان الذي يجسد الدفء والأمان، كيف لا وقد غُرِس حبه في قلوبنا منذ الصغر.
الوطن هو الدفء الذي ينعم به كلّ مواطن، والعائلة الآمنة لكلّ من سكن فيه، والمكان الذي يجتمع فيه الناس من كافة الفئات ومختلف الأعمار ليعيشوا مع بعضهم في جو يملأه التعاون والمودّة، فيأكلوا من ثمراته وينتفعون من خيراته.
الوطن، وما الوطن إلا نحن!، الوطن هو العطاء الذي لا ينضب، وهو الحبّ الذي نحمله في أرواحنا منذ أتينا إلى هذه الحياة، فهو أول ما شهدته عيوننا، وعلى أرضه تحركت أولى خطواتنا، وهو الأمان والسكينة التي تنشدها أرواحنا، وهو الهويّة التي يرتبط الإنسان بها ودونها يتيه هائمًا في الطرقات، فالوطن هو الملاذ والمأوى، والدفء والسكن، وعائلتنا الكبيرة التي نحتمي بها.
:قال الشاعر حبيب الزيودى
سكبت أجمل شعري في مغانيها
لا كنت يا شعر لي إن لم تكن فيها
هذي بلادي ولا طول يطاولها
في ساحة المجد أو نجم يدانيها
وقد تغنى العديد من الشعراء في أوطانهم وقالوا فيه أجمل الأشعار والأغنيات، ولكن هذه الأشعار لا تكفي لنعبر عن حبنا لأوطاننا ومشاعرنا تجاهها، حيث يجب علينا أن نترجم هذه المشاعر إلى أفعال لتكون أوطاننا كما نحب، ولعل من أهم واجباتنا تجاه الوطن أن نحافظ على الممتلكات العامة كما نحافظ على ممتلكاتنا الخاصة، وأن نلتزم بالقوانين ونحترمها، حيث إنّ هذه القوانين وُضعت لحمايتنا وحماية الوطن، وأن لا نتردد في تقديم المساعدة ويد العون لأبناء وطننا، وأن نتقن عملنا ونقوم به بإخلاص لنساهم في ازدهار الوطن وتقدمه، وأن نتقبل الآخرين ونتعايش مع كل فئات المجتمع على اختلاف أعراقهم وألوانهم ومعتقداتهم.
حبنا لأوطاننا لا يحتاج إلى تعلّم أو تكلّف، حب الوطن يأتي بالفطرة، فمن منا لا يحب المكان الذي إليه ينتمي والذي يعبر عن كيانه، وقد حثت الأديان السماوية على حب الوطن، ويتجسد ذلك في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال عندما أُخرِج من مكة: (ما أطيبَكِ من بلَدٍ وأحبَّكِ إلَيَّ ، ولولا أنَّ قومِي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَكِ) (رواه عبدالله بن عباس)، فكلّ إنسان يرى وطنه أجمل مكان في هذه الدنيا، ومهما سافر سيبقى يشعر بالحنين إلى وطنه والحاجة إلى العيش والاستقرار فيه.
أحبّ الأشياء إلى النفس وأقربها إلى الفؤاد هي الأوطان؛ فالوطن لمعظم الناس هو مسقط الرأس وَمرتع الطفولة والصبا والشباب ودفء الكهولة واجتماع الأخلاء والأحباب. الوطن ربما هو الشيء الوحيد الذي يكون المرء على استعداد أن يبذل الغالي والنفيس من أجله. كما وأن الوطن يفترض بأن يمنح المرء شعورا بالأمان والاستقرار، شعورا بالبناء والتضحية، مما يجعله يرى الوطن كأفضل ما يكون حتى وإن كانت باقي الأوطان توفر من الخيرات وسبل العيش ما يفوق امكانيات الوطن.
ويتجلّى الانتماء وحب الوطن بالاشتراك بالأعمال التطوعية التي تخدم المجتمع والوطن، حيث يوجد العديد من المجالات التي يمكن أن يتطوع فيها الشخص، ومنها: مساعدة عمال النظافة في تنظيف الشوارع والأماكن العامة، والمشاركة في حملات توعوية في مجالات مختلفة، فهذه الأعمال تنشر شذى المحبة والتكافل بين أفراد المجتمع، وتضع بصمة للفرد في تنمية وطنه ليرفرف علمه عالياً بين رايات الأمم، كما يجب على الفرد منّا أن يحرص على أن يتعلّم ويطوّر من قدراته ليفيد بها وطنه ويكون سبباً في نمائه ورُقيِّه. حب الوطن واجب على كل فرد غيور يعيش على أرضه، ويُرزق من خيراته، وينعم بأمانه، فلا بدّ لنا أن نسأل الله أن يديم علينا نعمة الوطن، وأن يحفظه لنا من كل شر، وأن نراه في أعلى المراتب بسواعد أبنائه المخلصين.
لو أخذنا المنزل كصورة مصغرة للوطن، فستنجلي الأمور إلى حد بعيد؛ ففي المنزل نجد بأن أفراد الأسرة يتعاونون فيما بينهم من أجل الحفاظ على نظام ونظافة منزلهم. فتجد حتى الأطفال عندما يعتادون على النظام، تجدهم يحرصون على إعادة ترتيب أسرتهم صباحا وإعادة كل ما يستخدمونه إلى مكانه نظيفا مرتبا كالأكواب والملاعق وما شابه. والوطن الكبير لا يختلف كثيرا بهذا الجانب، فالحفاظ على نظامه مسؤولية تقع على كافة المواطنين بحيث يراعون مسألة الحفاظ على الممتلكات العامة كعدم الاعتداء على الرصيف المخصص لسير الناس والحفاظ على نظافة الشوارع بعدم إلقاء القاذورات، كما ويجب الحفاظ على المرافق العامة في المتنزهات وغيرها بحيث يتمكن المرء من عكس صورة إيجابية عن وطنه أمام العالم أجمع.
حب الوطن واجب على كل فرد غيور يعيش على أرضه، ويُرزق من خيراته، وينعم بأمانه، فلا بدّ لنا أن نسأل الله أن يديم علينا نعمة الوطن، وأن يحفظه لنا من كل شر، وأن نراه في أعلى المراتب بسواعد أبنائه المخلصين..
Abdellah Salmi